نظمت مجلة "التبيان" ـ الناطقة باسم الجمعية الشرعية الرئيسية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية ـ مؤخرا ندوة بعنوان "مبشرات انتصار الإسلام"، بمسجد الجلاء برمسيس، وشارك فيها المفكر الإسلامي الكبير د. محمد عمارة، ود. محمد المختار المهدي رئيس الجمعيات الشرعية بمصر، ود. عبد الحليم عويس رئيس تحرير مجلة "التبيان".
الشيخ محمد المختار المهدي
وفي بداية كلمته أكد د. المهدي على أن حقائق التاريخ تقول أن الشدة حينما تطبق يكون الفرج قريبا، وإذا استعرضنا سيرة النبي (ص) نجد أنه كان مؤمنا بنصر الله عزوجل وأن الله سبحانه وتعالى قادر على أن ينصر هذا الدين وكما يقول المولى عز وجل "هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ" (سورة التوبة آية 33).
ومن زعموا أن المنهج الإسلامي لا يمكن أن يطبق نقول أن عندنا نموذج ناجح هو ماليزيا التي تعلن في دستورها أن الإسلام هو الدين الرئيسي للدولة وتجعل أكبر مساجدها بجوار مجلس الوزراء والمصانع وقد نجحت في تحقيق نهضة هائلة جعلتها في مصاف الدول الصناعية الكبيرة مع احتفاظها بمبادئها الإسلامية.
أزمة الرسوم وأخطار التنصير
وحول أزمة الرسوم المسيئة التي أعادت الصحف الدنماركية نشرها مؤخرا أوضح "المهدي" أن الجمعية الشرعية طالبت بمقاطعة الدنمارك سياسيا واقتصاديا منذ نشرها لأول مرة ولكن المقاطعة لم يتم تفعيلها فأعادوا الإساءة، ثم جاء البابا ووصف الإسلام بأنه انتشر بحد السيف وامتنع عن الاعتذار قائلين بأنه "معصوم" ولا يمكن أن يعود في كلامه، وشرب المسلمون الطعم وصمتوا.
كما حذر "المهدي" من أخطار التنصير التي لا حصر لها، مشيرا إلى أن الجمعية الشرعية حينما ذهبت إلى آسيا وإفريقيا وجدت أن المعونات التي تُقدم هناك مرتبطة بـ "التنصير" وهنا يصدق قول الله تعالى "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ" (الأنفال آية 36).
واختتم رئيس الجمعيات الشرعية بمصر كلمته قائلا أن ما نحتاج إليه هو الصبر والصمود وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مصالحنا وضروراتنا حتى لا نمد أيدينا إلى الغرب فيستغلوا حاجتنا في الضغط علينا والنيل من ديننا وقيمنا، كما يجب أن نقاطع الدول التي تسئ للإسلام والمسلمين ونستبشر بالنصر القريب إنشاء الله، وأن نكون على يقين بأن المستقبل القريب لنا ولا نسأل عن الكيفية لأن الله إذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون.
إمكانات هائلة
من جهته قال الدكتور محمد عمارة أن العالم الإسلامي يمثل الآن نحو ربع البشرية فهناك مليار ونصف المليار مسلم يعيشون في مساحة تبلغ حوالي 35 مليون كيلو متر مربع، كما أننا نملك من الثروات المختلفة والفوائض النقدية ما يجعلنا العالم الأول على ظهر هذا الكوكب, وغير ذلك كله فإننا نملك الوحي الوحيد الصالح على وجه الأرض، ونملك حضارة علمت الدنيا لأكثر من عشرة قرون، ولكن ما يحدث أن كل دولار يستثمر في العالم الإسلامي نجد أن 56 دولار من أموالنا تستمر في الدول الغربية لندعم اقتصاديتهم.
أضاف أن هناك حربا معلنة على الإسلام في الغرب وقد أكد أحد التقارير التي صدرت قبل أربعة أشهر عن لجنة تجمع النخبة في بريطانيا أن الشائع في الثقافة الغربية أن الإسلام مصدر تهديد للدول والثقافة الغربية وأنه تهديد رئيسي للسلام في العالم وتهديده يماثل تهديد "النازية والفاشية والشيوعية" في أواسط القرن الماضي، وأن وصف الإسلام بـ "الشيطان" ليس مقصورا فقط على الصحف الغربية الصغيرة وإنما في الصحف الكبيرة والكتب الجامعية أيضا.
عداء الغرب للإسلام
أضاف عمارة أن السبب الرئيسي في عداء الغرب للإسلام هو أن الإسلام يتمدد في الفراغ المسيحي ببلادهم، فمتوسط من يدخلون الإسلام في أمريكا يبلغ 20 ألف شخص سنويا وفي أوربا حوالي 23 ألف، وفي ألمانيا بلغ عدد من دخلوا الإسلام في العام الماضي فقط نحو 40 ألف شخص، كما أن اسم محمد في المواليد البريطانية عام 2006 جاء في المرتبة الثانية بعد اسم "جاك"، وفي بلدة "بيت لحم" مسقط رأس المسيح عليه السلام كان 80% من سكانها مسيحيين في عام 1948 أما الآن فلا يتعدون 16 %.
هذا إضافة إلى ما نراه من إغلاق لمئات من الكنائس وتحول الكثير منها إلى مطاعم ومقاهي، والبابا نفسه قد اعترف في أحد كتبه بأنه يتخوف من ثلاثة أمور: أولها انقراض االمسيحيين الأوروبيين وثانيها أن الذين سيحلون محلهم هم الهجرات الإسلامية، وثالثها أن تصبح أوربا جزءا من ديار الإسلام في القرن الواحد والعشرين.
وأشار د. عمارة إلى أن الأمة الإسلامية تحتاج إلى أمرين لكي تعود إليها الأمجاد من جديد أولها أرادة النهوض وثانيها إدارة ترتب هذا النهوض، ولا بد لنا من تحقيق الاكتفاء الذاتي حتى يتحقق لنا النصر المنشود، ويكفي أننا الآن الأمة الوحيدة التي تعبد الله وسبحانه وتعالى والتي حافظت على الوحي الصحيح دون تزييف أو تغيير، ونجد الآن الملسمون يعودون لدينهم أمما وشعوبا والصحوة الإسلامية أبرز مظاهر هذا العصر.