كلمات الى روح الشاعر احمد عبد احمد بقلم: نافذ الرفاعي

كلمات الى روح الشاعر احمد عبد احمد بقلم: نافذ الرفاعي
التاريخ : 28 / 10 / 2007 الساعة : 14:24

الشاعر الحاضر الغائب عن المكان لانه عند رب السماوات العلا .

الشاعر الحاضر حضورا طاغيا لانه تلمس الكلمات الجريئة في زمن الصمت واحترف التحريض.

ما زال يسمي الاشياء بمسمياتها فلم يعترف بالنكسة او الكبوة واسماها الهزيمة .
وكتب دونما نفاق ديوانه " معلقات على جدران الهزيمة".

لم اختار اسم المعلقات لانها حولية ومميزة عن الشعر العادي ؟!

لقد امتلك هذا الشاعر قوة وحس المتنبيء العارف للمجتمع العربي وامراضة والدرنات المتعفنة فيه، انه يؤمن ان للشعراء دور غائب، ويدعوهم ويستصرخهم الى الاستنفار لانه وكما يقول في قصيدته " بعد الهزيمة مباشرة "
حتى الثانية صباحا
والحرف مسجى في شفتي
مصلوب في عيني
ويستدرك في قصيدته " الشعر يتحرك دائما "قائلا :

اذا لم تغضب الكلمات
يصير الشعر دكانا
بضاعته مهربة ،
ورخصته مزورة،
لذلك لا ياخذ دور المشخص فقط، بل يمارس التحريض وويشر الوعي بدور الشعر كما يقول ويعلن :-

لان الشعر مغسلة
تزيل قذارة الاشياء
فمطلوب من الشعراء تنظيف الشوارع
من غبار الصمت
ومطلوب من الشعراء –حتى الموت-
دواما كاملا
في ورشة الكلمات
رغم الهزيمة التي صلبت الحرف الا انه يؤمن بالشعر
ففي قصيدته " الشعر الذي يتحرك دائما "ينشد :
من المفروض
ان لا يسكت الشاعر
ليغسل صوته الماطر
قلوب المتعبين ، فيستمر النبض
ويستمر في دك العبارات ليس عبثا ولا ترفا، بل لانه يدرك قوة الشعر في استنفار الهمم ويعين على القهر ويعلن في قصيدته "اغنية فلسطينية في مشوار الغربة والندم " :

وهكذا .. عشت مقهورا ومضطهدا
من نهر دجلة الى الهرم
ولم ازل "منسفا " بالخمس تاكله
زعامة ختمت بالشمع كل فم
ان قوة هذا الشاعر الذي ما زال يرسم اللحظة الحاضرة، ونسجل ان احمد عبد احمد مزج المستقبل والحاضر والماضي في ثلاثية مبهرة ثرية المشاعر والاحاسيس، وامسك بناصية الشعر من خلال اسلوبه السلس البعيد عن الايغال في الرمزية ،والمتصف ببساطة رموزه وعمق دلالاته، وكتب بالسهل الممتنع ،واقترب من قلوب الناس البسطاء، ليتغنوا باشعاره ويستعينوا على الظلم والقهر بقوافيه التي لم تمل ان تكون صرخة مدوية في ازمان متتعددة من الوضع العربي المعيب، الذي يدرك كنهه ويسبر مكنوناته بملكة الشاعر الحساس، ونفاذ بصيرة من مثقف مهم، احترف الكلمة والصحافة، وجال في الشعر انغماسا، وكتب عن القهر لشعبه، وحلم بالحرية فانشد لها مطولا، وشتم العجز والصمت وحرض عليه بقوة الشعر، وتالم عندما قال :
كتبت بالقلم الباكي .اعاتبهم ،فاحرقوا ورقي ، واستنكروا قلمي
ومع ذلك لم يتوقف ،بقي ينزف شعرا الى يومه الاخير، والمه ما حصل لزوجته في انتفاضة الحجارة من فقدان عينها برصاص الاحتلال، فوضع لها جوهرة من الشعر مكان تلك العين في قصيدته "وسامك كان فلسطينيا"شد ازرها:
ليس بقدرة قادر
افقدك العين اليسرى يا حبة عيني
جندي همجي غادر
..........
تيهي فخرا يا حبة عيني
افضل مني انت كثيرا
قد نلت وساما
وضعته فلسطين على صدرك
لو كان وسامك لي
لغدوت عظيم الشان كشاعر
.........
تيهي فخرا ساحبك اكثر مما كان
فجرحك ايقظني اكثر مما كان
وحرك في صدري
البركان الثائر

كان شاعرنا ساخطا احيانا كثيرة على الصمت والعجز والاحتلال والانظمة العربية، طالب الساسة والحكام بالصدق ففي قصيدته " الفريق صادق على الخط " يحكي ويسخط وينشد :

ردي يا بيروت..
ما اخر اخبار العمليات
انا "صادق " احكي معكم .. منذ قليل حررنا سيناء ،
ونرغب في تحرير جميع الجبهات .....
ماذا ؟
يسخر من التصريحات والبيانات كاذبة ،ويخبر اننا نعرف والجمهور يعرف ،بل يعلن ذلك في قصيدته "تذكرة لسفر سريع في حقيبة الحرية المجازة" وتحديات المدن المحاصرة "اننا بحاجة الى :

نحن الطلاب نريد الان حديثا بالارقام
نرفض- بعد اليوم- ، مواضيع الانشاء ،
وتاريخ الاهرام
ما قيمة ان نتعلم – يا سيدنا السلطان-
وانت ستعطينا اصفارا ...
في مدرسة الايام
هذ العمق في الرؤيا لغة الارقام وليس الانشاء، ما زال يرصد الواقع ويتحدث عن يومنا الان، علما انه كتب ذلك قبل حوالي اربعين عاما، ما زال ابو شريف في منتهى الحضور شعرا وبيانا .

ولا يابه الشاعر من نقاده وفي قصيدته " مقدمة لامسية شعرية"يصرخ:
قد تعجبون من صراحتي
قد تغضبون من صراحتي
لكني احيطكم علما ..
بان تلك من عاداتي
ورغم هذه الصراحة
- في راي بعض الناس .. في بلادنا –
- وقاحة
- فانني اكون في سعادتي
- في منتهى سعادتي
- حين ارى صاعقة .. توقف حالة الشخير